جذور الازمة الاجتماعية

البيئية المزدوجة للزراعة المصرية

لايزال مصر مجتمع "ريفي" هذا ما تقوله لنا احدث الإحصاءات الرسمية. فوفقًا لبيانات تعداد عام 2017 للسكان فإن عدد سكان الريف وصل إلى نحو 54.75 مليون شخص وهم يمثلون نحو 57.8% من جملة السكان في مصر. ومن الملاحظ زيادة نسبة السكان في الريف مقارنة باخر تعداد عام للسكان اجري عام 2006 والتي كانت تمثل 57% من جملة السكان1. ورغم ان مفهوم الريف والحضر مفهوم اداري غير مرتبط بحجم السكان او النشاط الاقتصادي لكن لاتزال الزراعة تمثل أحد مصادر الدخل غالبية السكان بالريف.

خلال العقود الأخيرة شهدت سياسات التنمية الزراعية والريفية في مصر تحولات كبيرة. واذا كانت هناك سمة بارزة في السياسات الزراعية والريفية اليوم في مصر فهي ذلك الفصل الواضح بين سياسات التنمية الزراعية وسياسات التنمية الريفية. هذا الفصل مرتبط بالأساس بالمسار النيوليبرالي الذي اتخذته السياسات الزراعية في مصر في اعقاب الحقبة الناصرية ولا يزال مسيطرا حتي الان. ففي الفترة الناصرية كان هناك تلازم بين المجال الزراعي والمجال الريفي حتي ان الخطاب الرسمي كان عن "مدارس لابناء الفلاحين, علاج لابناء الفلاحين". كان مصطلح "فلاح" يعبر بشكل مباشر عن كل من ساكني الريف وممارسي الزراعة معا فى الخطاب الرسمي وفى استراتيجيات التنمية. هذا التلازم بين ما هو ريفي وما هو زراعي يظهر بوضوح في إستراتيجية التنمية الريفية في ذلك الوقت والتي كانت قائمة على التوسع في انشاء الوحدات الاجتماعية المجمعة والتي كانت تشتمل على المدارس والوحدات الصحية بالإضافة الي الوحدات الزراعية والاجتماعية. وتدريجيا تغيرت نظرة الدولة لعمليتي التنمية الريفية والزراعية’ فمن جهة تم دعم الزراعة استثمارية في الصحراء بواسطة شركات خاصة تحمل اغلب مسمياتها "شركة تنمية زراعية", وتحصل على دعم من الدولة والقروض وتوصيل المياه والخدمات وتسهيلات فى سداد قيمة الارض. ومن جهة اخري تم قصر التنمية الريفية علي الخدمات التعليمية والصحية. وبدا مصطلح كلمة "فلاح" يختفي تدريجيا من الخطاب السياسي والاكاديمي ليحل محله مصطلح الريف. وقد شهدت هذه المرحلة بناء للمنشات التعليمية والوحدات الصحية بالقري واختفاء الوحدات الاجتماعية المجمعة وتفكيكها دون وجود اي اهتمام بالزراعة في الوادي والدلتا. وفي عام 1994 اقرت الدولة مشروع للتنمية الريفية المتكاملة شروق والذي يهدف إلي تحسين نوعية الحياة في الريف, وقد جاء هذا المشروع القومي لتقليل الاثار الاجتماعية الناجمة عن تطبيق الاصلاح الاقتصادي في القطاع الزراعي2. يوضح ابراهيم محرم3 مدير جهاز بناء وتنمية القرية في ذلك الوقت وصاحب فكرة مشروع شروق، أهداف شروق في هدفين محددين هما: تحسين نوعية الحياة للمواطنين في القرية المصرية, والمشاركة الواسعة والعميقة لأبناء هذا المجتمع المحلى الريفي في تحسين مجتمعه المحلي. ورغم ان برنامج شروق تم إقراره في الاساس لتلافي الآثار السلبية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الليبرالي فى الريف المصري، الا ان الزراعة كانت غائبة بشكل كبير فى المشروعات المزمع تنفيذها. تركزت شروق اذن علي مشروعات البنية التحية وبناء المؤسسات التعلمية والصحية وشبكات الصرف الصحي ولم تلتفت الي الزراعة وتامين الحيازة او صيانة التربة والنفاذ للمياه.

بدا ظاهرا ترسيخ مسارين متعارضين للتنمية الزراعية والتنمية الريفية: التنمية الريفية التي تتجاهل وتهمش الزراعة وتركز علي "تشييد" المؤسسات التعليمية والصحية وشبكات الصرف الصحي ; والتنمية الزراعية التي تتجاهل وتهمل الفلاحين وتركتز علي المستثمريين والزراعة الصحراوية التصديرية. فقد نظر الي الفلاحين علي ان عقليتهم وطريقة حياتهم كاحد معوقات التنمية، وعلي الزراعة الفلاحية كزراعة "غير قابلة للتطوير" ولا تستحق الدعم. ويؤكد ذلك ما لاحظه حبيب عايب4 من ان النظرة الي الفلاحين من قبل "المهندسين الزراعيين" و "مهندسي الري" و "الوسائل الاعلامية" و"متخذي القرار" على انها عراقيل بسبب جهلهم المفترض وارتباطهم بقيم تقليدية وممارسات وتقنيات قديمة. هذا المسار الذي بدا منذ ثمانيات القرن الماضي لم يتغير الي اليوم بل يزداد تعمقا فالسياسات الزراعية الحالية وخطط التنمية الزراعية ترتكز أيضا حول رعاية الزراعات الصحراوية والتصديرية على حساب الزراعات الفلاحية والعائلية ودعم المزارع الكبيرة التي يملكها القطاع الخاص او الجيش. فمنذ أيام علق نقيب النقابة العامة للفلاحين ان الحكومة "تعادي الفلاحين، رغم أنهم عمود المجتمع المصري الذي لا يزال مجتمعاً زراعياً"، ونتيجة لتصريحاته المناهضة للحكومة تم اقالته من منصبه من قبل مجلس نقابة الفلاحين وهي النقابة الوحيدة التي سمح لها النظام الحالي بالعمل بعد تجميده لثلاثة اتحادات فلاحية اخري تأسست علي خلفية انتفاضة يناير 2011 5.

في ظل سياسات تنمية ريفية بلا زراعة وسياسات تنمية زراعية بلا فلاحين نمي قطاع زراعي-استثماري في المناطق الصحراوية المستصلحة وبلغت مساحته في 2015 حوالي 2.95 مليون فدان في حين يتم اهمال الفلاحين ويزداد تدهور الأراضي الزراعية القديمة بالوادي والدلتا والتي تشغل مساحة 6.14 مليون فدان وهي تمثل اكثر من ثلثين المساحة المنزرعة6. ساهمت هذه السياسات في تعميق ازمة الريف والزراعة الفلاحية وتدشين الزراعة الصحراوية كباب وحيد لتحقيق الامن الغذائي وخلخلة تمركز السكان بالوادي والدلتا. لكن ماذا انتجت لنا هذه السياسات؟ يهدف هذا المقال إلى تفكيك بعض جوانب الازمة الزراعية والريفية في مصر وتحديث المعرفة بالديناميات الاجتماعية-الإيكولوجية الجديدة التي تميزها.

 

تصدع التبادل المتكافئ الاجتماعي-الايكولوجي في الوادي والدلتا

منذ أسابيع قليلة اعلن نقيب الفلاحين في اكثر من لقاء صحفي ان "الحكومة تعادي الفلاحين"7 هذا العداء ليس جديدا فقد أظهرت السياسات الزراعية منذ بداية عصر السادات عداءًا لنمط الإنتاج الصغير والزراعة الفلاحية. خلق هذا الوضع زيادة في افقار الفلاحين وتعقد سبل عيشهم كما خلق أيضا زيادة في تدهور الموارد الطبيعية. ويمكن وصف طبيعة العلاقات البيئة الزراعية في الريف المصري بالتصدع في التبادل المتكافئ تصدع الأيض أو تصدع التبادل المتكافئ الاجتماعي-الإيكولوجي Metabolic Rift. ويشير هذا المفهوم إلى القطيعة في التوازن بين البشر والبيئة ناتجة عن نمط الإنتاج والاستهلاك الذي يحوِّل البيئة من شريك إلى مورد مجاني يتم استنزافه دون استدامة8. وأبرز ملامح التصدع التي رصدتها دراسات عديدة هي زيادة الفقر الريفي وزيادة فصل الفلاحين عن موارد الإنتاج مما تسبب في زيادة معدلات العمل خارج الزراعة وأيضا الهجر التي توصف بالانتحارية مثل الهجرة الي ليبيا علي سبيل المثال9. وأيضا تدهور الموارد الطبيعية مثل ترسب المبيدات الحشرية الأسمدة الكيماوية في المياه والتربة والنبات وأيضا تدهور التنوع البيولوجي. ادي ذلك الي تجاوز سلسلة من الحدود الطبيعية والحيوية وتسارع التناقضات الطبيعية الحيوية في الوادي والدلتا.

 

شكل 1 : تطور ازمة الزراعة الفلاحية في مصر

 

علي سبيل المثال توضح بيانات التعداد الزراعي المتعددة تدهور خواص التربة الزراعية وتراجع تصنيف آلاف الأفدنة. ويؤكد محمد إبراهيم الشهاوي في دراسة عن الوضع الحالي بالزراعة المصرية الي تدهور ما لا يقل عن 50% من الأراضي الزراعية المصرية متأثرة بالملوحة والقلوية10. وقد أظهرت الدراسة الميدانية التي اجريتها باسيوط عام 2009 اثار قانون المالك والمستاجر قانون 96 لسنة 1992 علي استغلال الأراضي انه مع انهاء الأمان الايجاري لم يعد المستأجرون يكثرون من الاهتمام برعاية التربة وتسميدها حيويا بل يسعون الي تعظيم الاستفادة خلال سنة او موسم الايجار وهذا بدوره يساهم في مضاعفة التدهور للأراضي.

 

أيضا تلفت دراسات جودة مياه النيل الي عمق الازمة المائية فيما يتعلق بجودة المياه تلاحظ الدراسات المختلفة حول مياه النيل ان التهديد الأكثر إلحاحا يتمثل في تلوث المياه من ناحية، وزيادة الاحتياجات المائية نتيجة النمو السكاني ومشروعات تعمير واستزراع الصحراء من ناحية. وتشكل مياه الصرف الزراعي والصناعي من المصارف التي تصب مباشرة بالنيل المصدر الرئيسي لتلوث النيل. ويبلغ حجم مياه الصرف حوالي 12 مليار متر مكعب في السنة.11 ويتلقى النيل من أسوان إلى دلتا مياه صرف من 43 مصرفا زراعيا من 76 مشروعا صناعيا. وأشارت دراسة انه من بين هذه المصارف الزراعية ال 43 فقط عشرة منها تمتثل للمعايير المنظمة للصرف الزراعي. ولان غالبية هذه المصارف توجد في الوجه القبلي فإن معدلات التلوث والمرض القائم على المياه تقع في صعيد مصر. كما تشير دراسات اخري الي أن مياه نهر النيل ملوثة بدرجة كبيرة من قبل ثنائي الفينول متعدد الكلور (PCBs). وكان المستوى الكلي لمركبات ثنائي الفينول متعدد الكلور في عينات المياه في دراسة حديثة (53.44 μg/L) أعلى ب 32 ضعفا من نفس المادة في عينات المياه التي جمعت في عام 1995 (1637 ng/L) في مصر12. وتعتبر مركبات ثنائي الفينول متعدد الكلور مادة مسترطنة محتملة للإنسان.13 يوضح كل هذا تاثير تلوث مياه النيل علي النظام البيئي-المائي حيث تدهورت جودة مياه النيل وأيضا تضرر التنوع بالبيئة الحيوية للنهر وانتشرت ظاهرة نفوق الأسماك بمحافظات الوجه البحري وهي نتاج فقير الأكسجين وتشكيل مناطق نقص الاكسجين والتي تعرف باسم "المناطق الميتة" لأن الكائنات البحرية والأسماك تختنق في هذه المناطق.14

ايضا, يواجه التنوّع الحيوي في مصر هو الاخر تحدي التخريب والتدهور المتفاقمين نتيجة لاستحواذ الأصناف الهجينة علي المساحات المنزرعة والاختفاء التدريجي للسلالات البلدية وهذا بدوره يحد من السيادة الغذائية ويزيد من تعرض المزروعات للأمراض وللخضوع للاحتكارات للتقاوي والاسمدة والمبيدات.

هذا الوضع المتأزم للموارد الزراعية بالأراضي القديمة والفلاحين في الريف لا يتم التعاطي معه بإعادة رسم سياسات زراعية تعيد ترميم الموارد الزراعية وتحسن من سبل عيش الفلاحين وتدعم التحول البيئي-الزراعي بل علي العكس يتم التمادي في دعم سياسة زراعية قائمة علي الاستصلاح والمشروعات الزراعية العملاقة في الدلتا. وهنا نطرح سؤال، هل يؤدي التوسع في الزراعة الصحراء الي إصلاح أم تعميق الأزمات الزراعية المصرية؟

 

تسليع الصحراء والاستحواذ على الأراضي العامة

منذ بناء السد العالي (سد اسوان) عام 1964، يمثل استصلاح الصحراء وتوسيع الرقعة الزراعية هاجسا سياسيا واجتماعيا للنظم المصرية. اعتمدت الدولة استصلاح الزراعي وتعمير الصحراء كأحد المكونات الاساسية في سياسات الدولة الزراعية والعمرانية لتحقيق الامن الغذائي وإعادة توزيع السكان علي كامل الأراضي المصرية بدلا من التمركز في الوادي والدلتا الضيقين. وبدأت هذه السياسية تتحول تدريجيا من "احد المكونات" الي "المكون الأساسي" بعد التحول الي الانفتاح ثم الي السياسات الليبرالية. كما ان الدولة أوكلت مهمة الاستزراع الي القطاع الخاص وكبار المستثمرين بعد ان كانت تعتمد علي شركات الدولة وإعادة تأهيل وتوزيع الأراضي لصغار الفلاحين المعدمين. منذ عام 1982 تم تكثيف جهود القطاع الخاص للاستحواذ على الاراضي وتم توسيع نطاق الملكية الفردية وتحويل أراضي الدولة لملكيات عقارية لأفراد وشركات مصرية واجنبية في شكل من اشكال التراكم الثاني والتسليع للأراضي العامة. ويمكن لنا ان نميز بين شكلين من اشكال الاستحواذ الكبير علي الأراضي الصحراوية في مصر: الأول مرتبط بالاستحواذ الأجنبي والذي يظهر بوضوح في بنشاط الشركات زراعية وغذائية خليجية تستحوذ علي مساحات شاسعة من الأراضي في المناطق الصحراوية والثاني هو الاستحواذ المحلي عبر نافذين محليين من المستثمرين المرتبطين بالسياسة في شكل من اشكال رأسمالية المحاسيب.

تعد حالة توشكي مثالا صارخا للاستحواذ الخليجي علي الموارد. ذلك المشروع الذي اعلن عنه في أكتوبر عام 1996 واستهدف استصلاح 405 الف فدان وتحريك 4 الي 6 مليون مصري حتي عام 2017 عبر خلق 450000 وظيفة سنويا خلال عشرة سنوات . ويعتمد المشروع بشكل أساسي على مياه النيل عبر مفيض توشكي. وقد تكلف المشروع حوالي 6 مليار جنيه مصري. مر المشروع بمراحل متعددة لكنه النشاط استعيد مرة اخري بعد وصول السيسي الي الحكم عام 2014. وحين ننظر الي توزيع الأراضي بالمشروع نلاحظ استحواذ شركتان خليجيتان علي حوالي نصف مساحة أراضي المشروع في حين يذهب النصف الثاني الي مؤسسات تابعة للجيش والدولة و مستثمرين مصريين15. تقوم تلك الشركتين بإنتاج برسيم حجازي بشكل أساسي لتصديره الي مصانع الألبان بالمملكة العربية السعودة والامارات كما انها تستخدم نمط انتاج عالي التكنولوجيا يستهلك كميات كبيرة جدا من الطاقة وعدد محدد من السكان العمال

. يوضح الجدول ان اجمال العمال بالشركتين لا يتعدى 500 عامل. كما ان المساحة المنزرعة لا تتجاوز 20% وهذا يوضح حجم الإهدار للموارد في هذا الشكل من المشروعات.

 

جدول 1: المساحة المخصصة والاستغلال الزراعي واهم المحاصيل واستهلاك المياه والطاقة للشركات الخليجية بتوشكي

اسم المزرعة

المساحة المستحوذ عليها

المساحة المنزرعة

اهم المحاصيل

نظام الاستحواذ

أسلوب الري

نوع النشاط

استهلاك الطاقة شهريا

استهلاك المياه

حجم العمالة

مزرعة الراجحي (سعودية)

100 الف

10 الاف فدان

60% قمح

40% برسيم

تملك علي مراحل

ري محوري

قطاع خاص اجنبي

1.5-2 مليون كيلو واط

54 مليون لتر مكعب سنويا

150-200 عامل

مزرعة الظاهرة

(إماراتية)

100 الف

18 الف فدان

90% برسيم

10% حبوب

 

تملك علي مراحل ؟

ري محوري

قطاع خاص اجنبي

1.8-2 مليون كيلو واط

156 مليون متر مكعب سنويا

200-300 عامل

المصدر: الباحث، انظر أيضا

 

اما النوع الثاني فيظهر بشكل أوضح في مشروعات الاستصلاح الصغيرة والمتوسطة. والثاني مرتبط بفاعلين محليين من مستثمرين ونافذين سياسيين محليين يستحوذون علي الأراضي الصحراوية لأغراض التسليع والمضاربة والتصدير أيضا وترصد دراسة اجريتها علي مشروع وادي النقرة مؤخرا الأهمية النسبية للفاعلين المحليين والمرتبطين بالسلطة في الاستحواذ علي الأراضي الزراعية الصحراوية وتحويلها من ملكيات عامة الي ملكيات خاصة16. ففي هذا المشروع تم تخصيص 50 الف فدان والتي تمثل 77% من اراضي المشروع لكبار المستثمرين استطاع ست شركات فقط ان يستحوذوا علي مساحة 28 الف فدان أو 57 ٪ من جملة المساحة المخصصة للمستثمرين ويتم زراعة 16% فقط من تلك المساحة. في حين تحولت جملة هذه الأراضي من الملكية العامة الي ملكيات خاصة. هذا يوضح حجم الإهدار في الموارد الطبيعة من مياه والأراضي وان عمليات التسليع وتحويل الأملاك العامة لا تصب في النهاية في صالح عمليات توفير الغذاء او تحقيق التنمية.

يوضح هذين الشكلين من اشكال الاستحواذ على الاراضي الصحراوية استنزافا للموارد المائية واهدارا لمورد الأرض وتحويلها الي أراضي مسيجة لا تدخل معظمها في عمليات الإنتاج وأيضا تساهم في تعميق التفاوت الطبقي وإعادة تكوين طبقة من كبار الملاك المحليين والدوليين الذي يستخدمون ملكياتهم لا من اجل تحقيق الامن الغذائي ولكن للمضاربات العقارية وإنتاج العلف للأسواق الخارجية.

 

الخاتمة

ان الازمة الاجتماعية البيئية المزدوجة التي تعيشها الزراعة المصرية الان والمتمثلة في تدمير صغار المزارعين الزراعية وتنمية الزراعة الصحراوية الاستثمارية تهدد السيادة الغذائية لمصر وتؤدي إلى اضطراب بيئي لا يمكن ان يحل عبر الاستمرار في ذلك المسار الذي يستبعد ملايين المنتجين للغذاء ويمنح التسهيلات لحزمة قليلة من المستثمرين تتعامل مع الأرض من منطلق ربحي واستغلالي. يتطلب اصلاح هذا الصدع البيئي الاجتماعي الخروج من النموذج الحالي وإعادة التفكير في بناء سياسات زراعية-ريفية تقوم على التحول الايكولوجي والربط بين الوادي والدلتا والصحراء بشكل يحقق إعادة اصلاح التبادل بين الانسان والموارد الطبيعية بعيدا عن الإهدار والاستنزاف الحاليين.


 


 


 

1الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، جدول أهم خصائص ومؤشرات التعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت 2017، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 2017.

2 Mohamed Nawar, "Rural development policies in Egypt: historical background and evolution of the institutional framework", Options méditerranéennes, serie A, N° 71 (2006), [on line]. http://ressources.ciheam.org/om/pdf/a71/06400056.pdf

3 ابراهيم محرم، شروق: التنمية الريفية، (القاهرة: دار التعاون، 1997)

4 حبيب عايب،  أزمة المجتمع الريفي في مصر نهاية الفلاح، ترجمة: منحة البطراوي،، المركز القومي للترجمة،، 2013.

5لمزيد من التفاصيل، انظر: صقر النور، الفلاحون والثورة في مصر : فاعلون ومنسيون، المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، مج37، ع427، سبتمبر 2014. ص 28-43.

6الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، الكتاب الإحصائى السنوى – الزراعة ، الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، القاهرة. 2018.

7انظر : عزل نقيب الفلاحين بمصر بعد انتقاده أداء الحكومة، https://is.gd/N08AxB

8Foster, John Bellamy. Marx’s ecology: Materialism and nature. NYU Press, 2000.

9لمزيد من التفاصيل انظر، صقر النور، المسألة الزراعية ومأساة العمالة المصرية الريفية في ليبيا http://www.athimar.org/Article-70

10محمد إبراهيم الشهاوي، الوضع الحالي للأراضي الزراعية، بوابة الكنانة، https://is.gd/C5aIil

11 Shamrukh, Mohamed, and Ahmed Abdel-Wahab. "Water pollution and riverbank filtration for water supply along river Nile, Egypt." Riverbank filtration for water security in desert countries. Springer Netherlands, 2011. 5-28.

12Megahed, Ayman Mohamed, et al. "Polychlorinated Biphenyls Water Pollution along the River Nile, Egypt." The Scientific World Journal 2015 (2015). R. A. Wahaab and M. I. Badawy, “Water quality assessment of the River Nile system: an overview,” Biomedical and Environmental Sciences, vol. 17, no. 1, pp. 87–100, 2004

13 Carpenter, D. O. Polychlorinated Biphenyls and Human Health. International Journal of Occupational Medicine and Environmental Health, 11(4): 291-303. 1998

14youm7 Jul. 22, 2015 “Ammonia poisoning” blamed for mass fish die-off in Egypt’s Delta: official; http://thecairopost.youm7.com/news/160486/news/ammonia-poisoning-blamed-for-mass-fish-die-off-in-egypts-delta-official

15لمزيد من التفاصيل، انظر: صقر النور وندي عرفات, كيف تحقق مياه مصر أمن دول الخليج الغذائي؟ | مدى مصر https://is.gd/N08AxB

16 Saker El Nour, Grabbing from Below: a study of land reclamation in Egypt (forthcoming).

 




إبحث
معرض الصور
آخر الامقالات
لقد حمّلنا ثلاثة مقالات قديمة حول اليمن و سوريا، م. مندي. اثنان منهما متاحان باللغة العربية والانكليزية. تجدون المقالات تحت فئة "التاريخ الزراعي"، و "حيازة الأرض"، و "المياه والري. "
هدف المؤتمر الدولي السابع للجغرافيا الراديكالية (ICCG 2015) هو توفير مكان جامع لمناقشة هذه وغيرها من الموضوعات التي تدرس الجغرافية النظرية الاجتماعية الأزمات والتطبيق العملي السياسي التدريجي. على الرغم من أهمية القضايا المطروحة، يأمل المنظمون خلق جو من المرح، والتوافق وأجواء ودية تجمع عددًا واسعًا من العلماء والناشطين والفنانين والمنظمين وغيرهم من المهتمين بالتطبيق العملي الاجتماعي والمكاني.
تقدّم ياسمين م. أحمد في مقالة هذه عدداً من القراءات التحليلية الأولية لتحرّك الفلاحين في مصر ضمن السياق الثوري، وتجاوب العديد من الخبراء القانونيين معه.
شارك
@

الفيديو الرئيسي
تحديثات الفايسبوك
تغريدات تويتر